يروي أن فلاحا جلس يوما ليستريح بعد عمل يوم شاق في الحقل تحت شجرتي تين وزيتون, فسمع صوتا عاليا وجدلا حادا بينهما, فكل منهما تذم الأخري, وتظهر ما فيها من عيب ونقيصة, وعندما هم الفلاح بقطع الشجرتين لكي يعمل في هدوء, وينعم براحة البال,
مر رجل حكيم من أهل القرية فأمسك بيده وقال له: يابني.. إن الأشجار المثمرة نعمة من الله لنا وعلينا شكرها, كما أن قطعها بغير حق لا يجوز لكونه إفسادا في الأرض ينافي عمارها, والتين طعام أهل الجنة كما يطلق عليه صديق الفلاسفة, وشجرة الزيتون شجرة مباركة, والبركة تعني النفع والخير الوفير, وقد ضرب الله بها المثل في صفاء زيتها, وفي الغرب أقاموا تمثالا لشجرة تفاح, فقد هاجر رجل إنجليزي إلي كندا وكانت معظم هذه البلاد( قديما) قفارا وغابات, وبينما كان يقطع الشجر ليبني له مسكنا, رأي شجرة تفاح تفوق سواها في حسن منظرها, وجودة ثمارها فأبقاها ورعاها, واشتهرت الشجرة وكثر حديث الناس عنها, وفي ذات يوم شبت النار بجوار الشجرة فألحقت بها ضررا, لكنها ظلت مثمرة, ولما ماتت بعد سنوات صنع الفلاحون عمودا كبيرا من الرخام ووضعوه مكانها, اعتزازا بها, وتذكارا لها, ومن حكم ابن عطاء الله السكندري: من لا يعرف قدر النعم بوجدانها, عرفها بوجود فقدانها.
محمد مدحت لطفي ارناءوط